قائمة المدونات الإلكترونية
أرشيف المدونة الإلكترونية
تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة
تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة
إن الأهمية والمعرفة في استعمال كائنات حية دقيقة لغرض الوقاية من الأمراض أو تحسين الصحة (الأطعمة الوظائفية) أدى لانتشارها خلال السنوات القليلة الماضية. تتأثر نوعية وكمية الكائنات الحية الدقيقة في الجهاز الهضمي بالأطعمة المتناولة كما تؤثر على صحة الفرد. فالكائنات الحية
الدقيقة المفيدة تحسن من هضم وامتصاص العناصر الغذائية الأساسية ، كما تعمل على تشييد بعض الفيتامينات. وبعض هذه الكائنات يمكن لها أن تمتص أو تقوم بالتمثيل الغذائي لبعض المواد الضارة مثل الأمونيا ، وبالتالي تقلل من تركيزها في الدم. كما أن التركيز العالي من هذه الكائنات الحية الدقيقة المفيدة يثبط من وجود الكائنات الحية الدقيقة الضارة أو الممرضة (6).
لذا لابد أن نركز على الطرق التي تعمل على زيادة نمو هذه الكائنات المفيدة وليس الضارة في الجهاز الهضمي ، وأحد هذه الطرق لزيادة كمية الكائنات الحية الدقيقة هي أن نتناولها نفسها. حيث يوجد نوعان من هذه الكائنات المفيدة والتي يمكن أن يكون لها خواص تحسين الصحة وهما بفيدوبكتريم واللاكتوباسليس.
وتضاف هذه الكائنات الحية الدقيقة حديثا لصناعة بعض أنواع اللبن الزبادي وكذلك اللبن المحمض كما يمكن شراؤه في شكل محلول أو أقراص. وعند تناول هذه الكائنات الحية فإن بعضها ينجو خلال مروره في الجهاز الهضصي العلوي ثم تعيش مؤقتا في القولون حتى خروجها مع البراز (7). إن تناول هذه الكائنات المفيدة والمناسبة يمكن أن ينبه فاعلية وظائف جهاز المناعة في الأمعاء (8). كما يمنع تكوين ونمو الخلايا السرطانية في فئران التجارب (9). وتفيد هذه الكائنات في معالجة الاضطرابات المعوية الناتجة عن خلل في الغشاء المعوي مثل الإسهال والحساسية للأطعمة والتهاب القولون ، كذلك المساعدة في معالجة الإمساك والانتفاخ وحموضة المعدة (10 ، 11) ، وتحسين عدم تحمل اللاكتوز في الأفراد الذين يعانون من سوء امتصاص اللاكتوز (12).
الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في القناة الهضمية
تكون القناة الهضمية عند الولادة عقيمة خالية من الكائنات الحية الدقيقة ولكن بعد ساعات من الولادة تبدأ الكائنات الحية الدقيقة في الاستيطان في القناة الهضمية. وبعد عدة سنوات تكون النبتة المعوية قد تطورت تطورا كاملا. وتختلف هذه النبتة المعوية في الإنسان البالغ من فرد إلى آخر اعتمادا على مكان المعيشة ونوعية الأطعمة المتناولة وربما تعتمد أكثر على الوراثة. ففي بعض الأفراد قد تتغير دائما هذه النبتة المعوية وفي البعض الآخر تبقى ثابتة. وتعد النبتة غير المتغيرة والمتوازنة من علامات الصحة الجيدة.
وتقدر الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في القناة الهضمية بحوالي (1410) أو (100000000000000) كائن حي دقيق. وهذا يعني مائة ألف بليون خلية ، وهذا العدد يفوق بكثير عدد خلايا جسم الإنسان. وتحتوي المعدة على 1000 كائن حي دقيق لكل جرام من محتويات المعدة ، والغالبية منها تتحطم قبل ترك المعدة ، ومع ذلك ينجو البعض تأثيرات عصارات المعدة ويستوطن في الأمعاء. الكائن الحي الوحيد الذي يمكن له الاستيطان في المعدة يطلق عليه هليكوبكتر بالوري Helicobacter pylori وقد تم اكتشافه أخيرأ سنة 1982 م.
وتحتوي الأمعاء الدقيقة على ما بين 410 إلى 610 (10000 - 1000000) كائن حي دقيق لكل جرام من محتويات الأمعاء الدقيقة. وهذا يمثل أكثر مما هو موجود في المعدة وأقل عما هو موجود في الأمعاء الغليظة. بينما تحتوي الأمعاء الغليظة على ما بين 1110 إلى 1210 كائن حي دقيق لكل جرام من محتويات الأمعاء الغليظة
تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة والمناعة
يمكن لهذه الكائنات المفيدة من تنمية المناعة الموضعية وبذلك تمنع من تغير مناعة (مقاومة) الكائنات الدقيقة الضارة ، هذا بالإضافة إلى العمل على زيادة تغذية الأمعاء (13). وقد أظهر فاكيشيما وآخرون (14) زيادة الكمية الكلية للأجسام المضادة وخصوصا الأجسام المضادة النوع (أ) المضادة لفيروس شلل الأطفال في براز الأطفال خلال تناولهم بدائل حليب الأم المحتوية على لبفيدوبكتريم. وبالتالي زيادة الأجسام المضادة النوع (أ) نتيجة تناول الأحياء الدقيقة الحية المفيدة يساعد الغشاء الخلوي للأمعاء لمقاومة عدوى الجهاز الهضمي. وقد وجد أن تناول كبار السن للحليب المنخفض الدهن والمحتوى على البفيدوبكتريم خلال فترة ستة أسابيع يحسن بطريقة واضحة من المناعة. بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في قدرة الخلايا البيضاء مفصصة النوى على ابتلاع الجزيئات الغريبة مقارنا بتناول الحليب بدون أية إضافات (15). هذا وقد تم مراجعة ونشر التأثيرات المحتملة لتناول أنواع الكائنات الحية الدقيقة المفيدة على الجهاز المناعي للأطفال (16).
تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة والمضادات الحيوية
ويعتبر استعمال المضادات الحيوية في الحالات المرضية الخطيرة للأطفال أمر شائع. وهذا يمثل ضررا على الأحياء الدقيقة الطبيعية الموجودة في الجهاز الهضمي ، وقد يقبل هذا الضرر في سبيل معالجة المريض. ومن الواضح أن تناول المضادات الحيوية وخصوصآ التي تغطي مدى واسع من الكائنات الدقيقة كثيرا ما تحدث إسهال (17). ويتراوح حدوث الإسهال عند الأطفال نتيجة تناول المضادات الحيوية من 20% إلى 40% للذين يستعملون مضادات حيوية ذات مدى واسع.
ويعتبر تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة بديل مناسب لمساعدة الكائنات الطبيعية في الجهاز الهضمي في مقاومة هذا الضرر. وقد نشر فا ندرهوف وآخرون (18) نتائج الدراسة العشوائية ذات الحجب المزدوج في الأطفال. حيث تناول بعض الأطفال الذين يتناولون المضادات الحيوية عن طريق الفم اللاكتوباسليس والبعض الآخر المضاد الحيوي مع مادة وهمية غير فعالة خلال فترة العلاج.
وقد كان نسبة الأطفال الذين يعانون من الإسهال أقل بكثير في الأطفال الذين تناولوا اللاكتوباسليس. إن تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة مثل البفيدوبكتريم واللاكتوباسليس يمكن لبعضها أن ينجو من تأثير عصارات المعدة والمرارة والإقامة في الجهاز الهضمي (19).
تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة والإسهال
يفيد تناول هذه الكائنات المفيدة فى كل من الوقاية والعلاج من الإسهال. وقد أظهرت الدراسة التي قام بها سافيدرا وآخرون (20) أنه يمكن منع الإسهال عند صغار الأطفال المقيمين في المستشفى نتيجة أمراض مزمنة. حيث عمل الباحثون تقييما لحالات الإسهال في دراسة ضابطة ذات الحجب المزدوج لأطفال تتراوح أعمارهم بين 5-24 شهرا. ومن خلال المتابعة لمدة 17 شهزا وجد أن إضافة البفيدوبكتريم لأطعمة الأطفال تقلل من حدوث الإسهال من 31% إلى 7% في الأطفال المقيمين في المستشفى مقارنة بالذين لا يتناولون هذه الكائنات الحية المفيدة. كذلك يقلل من إنتاج الفيروسات المحدثة لاضطرابات الجهاز الهضمي للأطفال من 39% إلى 10% في الأطفال الذين تناولوا هذه الكائنات الحية المفيدة (شكل 2).
وتعد هذه الدراسة الأولى التي توضح الوقاية من أمراض الإسهال عند الأطفال نتيجة التناول المستمر للكائنات الحية الدقيقة المفيدة ، وكذلك توضح تأثيرها على وجود الفيروسات الضارة. وقد أظهر هاسكي وآخرون (21) فاعلية البفيدوبكتريم عند إضافته إلى تركيبة أطعمة الأطفال الخالية من اللاكتوز خلال علاج الجفاف. فقد اشتملت الدراسة على 141 طفلا ادخلوا المستشفى نتيجة الإسهال والجفاف لتناول محاليل معالجة الجفاف عن طريق الفم خلال 4-6 ساعات الأولى ثم تم تحويلهم إلى تناول أطعمة الأطفال مع أو بدون إضافة البفيدوبكتريم للأطعمة (دراسة عشوائية مستقبلية ذات الحجب المزدوج). حيث لا توجد فروق بين الأطفال الذين تناولوا البفيدوبكتريم عن الذين لم يتناولوها عند دخولهم المستشفى من حيث العمر والوزن والطول ودرجة الجفاف ومستويات الجسم الكيميائية (البيكربونات ، الأس الهيدروجيني ، الصوديوم ، الكلوريد ، البوتاسيوم) وكذلك مدة
فترة الإسهال السابقة ونوعية الطعام المتناول. وقد تمت هذه الدراسة في صنجدو بالصين خلال فترة الشتاء وبالتالي لا يستغرب أن نجد أن 80% من حالات الإسهال من عدوى الفيروس المسبب للاضطرابات المعوية للأطفال. ولا تختلف الكميات المتناولة من محلول معالجة الجفاف وكمية التركيبة الغذائية بين مجموعات الأطفال.
وقد لوحظ زيادة سريعة واضحة في وزن الأطفال (جرام/ كيلوجرام من وزن الجسم) للذين تناولوا التركيبة الغذائية مع البفيدوبكتريم. ففي خلال 24 ساعة من بدء العلاج للأطفال الذين تناولوا الأحياء الدقيقة المفيدة مع التركيبة الغذائية زاد وزنهم (الوسيط) 4.7% من وزن الجسم ، في حين أن الأطفال الذين تناولوا التركيبة الغذائية فقط زاد وزنهم 2.1% وكان متوسط مدة الإسهال أقل نسبيا في الأطفال الذين تناولوا الأحياء الدقيقة المفيدة مع التركيبة الغذائية عن الأطفال الذين تناولوا التركيبة فقط (65 مقارنا 68 ساعة).
وقد أجريت دراسة تداخليه لعدة مراكز (22) لتقييم فاعلية تناول اللاكتوباسليس مع محلول معالجة الجفاف عن طريق الفم لمرضى يعانون من إسهال حاد متعدد الأسباب. فقد كان متوسط (-+ انحراف معياري) مدة استمرار الإسهال 71.9 (-+ 35.8 ساعة) في الأفراد الذين لم يتناولوا للاكتوباسليس. في حين كان متوسط (-+ انحراف معياري) مدة استمرار الإسهال 58.3 (-+ 27.6 ساعة) في الأفراد الذين تناولوا اللاكتوباسليس. وقد استمر الإسهال لأكثر من 7 أيام في 10.7% في الذين لم يتناولوا الكائنات الحية الدقيقة المفيدة في حين استمر الإسهال لأكثر من 7 أيام في 2.7% فقط من الأفراد الذين تناولوا اللاكتوباسليس.
تظهر هاتان الدراستان السابقتان أن تناول الكائنات الحية الدقيقة المفيدة خلال الإسهال الحاد تعد مأمونة بالإضافة إلى أنها تؤدي إلى الإسراع في الشفاء.